الإختبار الثامن
القداسة هي هدفكن والكمال بالمحبّة غايتكن النهائية. ما تتوقّفوا عند وسائل القداسة وتعبدوها. لا تعملوا من الوسيلة غاية ولا من الغاية وسيلة. ما تجعلوا من وسائل القداسة هدفكن وغايتكن ولا تخلّوا القداسة تكون وسيلتكن لغايات ثانية:
الصلا تتقدّسكن، ما تقدّسوا الصلا.
الصوم تيقوّيكن ما تألّهوا الصوم.
الإماتة تتطهّركن ما تعبدوا الإماتات.
أناشيدكن تتمجّد ألله ما تمجّدوا أناشيدكن.
ما تستبدلوا المسيح بالكلام عنّو بتصيروا تعبدوا كلامكن، ولا تستبدلوا الحقيقة بالتعابير اللي بتعبّر عنها بتصير هالتعابير عندكن هيّ الحقيقة.
ولا مرّة بتكون الكلمة أهمّ من الفكرة اللي عم تعبّر عنها، ولا الفكرة أهمّ من الحقيقة اللي عم تفكّرها.
ولا مرّة بتكون الخزنة أهمّ من الكنز اللي حاملتو، ولا مرّة بيكون الكأس أهمّ من الخمر ولا بيت الخبز أهمّ من الخبز. وولا مرّة الجوهرة أهمّ من القربان.
المسيحية مش ديانة ولا هيكل ولنّها كتاب ولا معبد، المسيحية هي شخص يسوع المسيح بذاتو.
المراية يللي بتعكس النّور مش هي النّور. ميّزوا بين النّور والمرايات يللي بتعكسو. ما تركّزوا إهتمامكن على المراية، خلّوا قلبكم بالنّور .
ما تهربوا من ذاتكم تتروحوا عند ألله، ولا تروحوا عند ألله تتهربوا من ذاتكم، ألله بدّو ياكم تقدّمولو ذاتكم مثل ما هيّ تيرفعها ويقدّسها.
ما تخلّوا العالم يدفشكم صوب ألله، خلّوا ألله يجذبكم إلو.
ما تسوّدوا بكتاباتكم الصفحات البيضاء يللي كتبوها آباؤكم القدّيسين. الحقيقة دايماً هي ذاتها.
تتحكي عن الله لازم تكون بقلب الله، ما فيك تحكي عن الله وإنت خارجو.
والكلمة جسد مش صوت طاير بالجوّ. كلّ كلمة بدّك تقولها قصّبها بعقلك، انحتها بروحك، نعّمها بقلبك، نزّلها من تمّك مثل ما بتنزّل الحجر مطرحو بالمدماك. والكلمة اللي ما بتبني بلاها.
ما تحكي إلا وقت اللي بيكون كلامك أعمق وأبلغ وأهمّ من صمتك.
ما تخلّي كلامك عن ما وراء البحار يلهيك عن الإبحار.
روحوا صوب الجوهر. ميّزوا بين الجوهري والسطحي بحياتكن وبين الأساسي والثانوي، بين الّلب والقشرة.
بهالعالم، ما بتعبّوا ميّ بالسلّة ولا عنب بالإبريق ولا تين بالجرّة: مثل ما بتستعملوا أمور هالأرض بذكا لخدمتكن، اعرفوا اعملوا بأمور السما بحكمة من الرّب لخلاصكن ومجد ألله.
كلّ أرض ولها تربتها ومناخها، لها أوايلها تتنقبها وتزرعها ولها نباتها يللي بيزهّر وبيثمر فيها:
ما فيك تطحن الصّخر بالشوكة، ولا تنقب التراب بالمهدّة ولا تحطّب بالمعدور. ولا الأرز والسنديان بيطلعوا برمل السّاحل ولا الموز والليمون بيعيشوا بصخور الجرد. بالأوايل يللي بإيديك عمول شغلك، ومطرح ما الرّب زرعك زهّر وثمّر. وإذا ما تجذّرت ما فيك تتشامخ.
كيّفوا عقلكم مع الوجود، ما تسعوا تكيّفوا الوجود مع عقلكم، الوجود كان قبلكم وباقي بعدكم، الروح وحده بيكيّفكم وبيناغمكم مع الله ، بتدركوا عمق سرّ الوجود بنور الروح الأبدي يللي فيكم.
ما تسعوا لإدراك الحقيقة بحواسّكن بتبقوا محدودين بمحدودية هالحواس.
اعرفوا إنّو حواسّكن تتحبّوا فيها مش تتحبّوها:
لمّا بتحبّ نظرك بتصير تعبد المخلوقات اللي بتشوفا و بتنسى الخالق الأبعد من حدود عينيك.
ولمّا بتحبّ سمعك بتصير تعشق ألحان الدّني وأصواتها بتنسى تسمع صوت ألله بالصّمت اللي ما بيلامس دينيك.
لمّا بتحبّ أنفك بتصير تنقاد ورا عطور الدّني بتنسى زهور المرج اللي جبلها الرّب للإنسان بحنانو.
ولمّا بتحبّ ذوقك بتصير أسير الأكل والشرب و بتنسى الغذا.
ولمّا بتحبّ لمسك بتصير أسير الخارج و بتلتهي عن الداخل.
تخطّى حواسك ما تغرق فيها و أنفذ من خلالها للحقيقة مثل ما بينفذ شعاع النّور من خلال البلّور.
إذا قسيت حواسك بتسمك و بيصير يرتدّ عنها شعاع النّور مثل المراية و تعكسلك صوَر العالم.
ما تغرق بحواسك بيصير فرحها يغشّك. الفرح الحقيقي مش هو فرح الحواس.
الفرح الحقيقي هو اللي بيتخطّى حواسك وبيتجاوزها لقلب النور مطرح ما بتغرق بقلب ألله وبتعاين نورو وبتدوب بمحبّتو.
تخطّى حواسك وتجاوزها، تخطّى ذاتك بتلمس طرف النور.
كلّ ما بدّك تنظر للخارج غمّض عينيك وانظر للداخل بتصير تقشع الخارج أوضح.
وكلّ ما بدّك تسمع سكّر دينيك واصغِ لصوت الداخل بتصير تسمع أفضل.
قود إنت حواسّك تتمجّد ألله ما تخلّي حواسك تقودك تتمجّد مخلوقاتو.
حبّ حتّى بذل ذاتك: الدّم هو الحبر الوحيد يللي بتنكتب فيه المحبّة، والباقي كلّو حبر على ورق.
بالمسيح، كلّ إنسان بيكون كلمة بتمّ الله تتصير البشريّة كلّها نشيد محبّة.
والمجد دايماً لألله.