أبانا الَّذي في السَّماوات
قِراءَةٌ مِنْ مارِ يعقوبَ السروجِيّ (+ 521)
بالكَلِمَةِ الأُولى التي عَلَّمنا أَن نَدعوَهُ: أَبانا! كُلُّ قُوَّةِ العَدُوِّ تُخْمَد،
لأَنَّ رَئيسَ جَيشِنا عارفٌ بِعَدُوِّنا أيُّ وَقاحٍ هُوَ، وأَيُّ بَغيضٍ لِلبَشَر!
يَكْرَهُ الصَّلاةَ، يُعَرْقِلُها، يُشَوِّشُها، يَرْذُلُها، بل يَصْرِفُ عَنها، إن اسْتَطاع.
لا تُخيفُ الأَعْزَلَ الرِّماحُ والسِّهامُ كما تُخيفُ الصَّلاةُ الشِّرّيرَ، فهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَراها.
لذلكَ يُحَرِّكُ في النَّفْسِ أَفكاراً غَيرَ حَسَنَة: يُقْلِقُها بالاهتمامِ بأَعمالٍ مُختَلِفَة.
يَصُبُّ عَكَرَهُ على الفِكْرِ، لا يَدَعُهُ يَصْفو، حتّى يُفْسِدَ نَقاءَ الصَّلاةِ، بأَيِّ حيلَة.
لا يُفارِقُ المُصَلّي، يُلازِمُهُ، حتَّى يَراهُ خارِجاً مِنْ صَلاتِهِ.
يُقلِقُهُ بأَعمالِ العالَمِ الشِرّير، فإذا جَذَبَهُ إليه، حَمَلَهُ وانْطَلَقَ بهِ!
مَنْ يَقومُ للصَّلاة، يَقومُ لِلْعِراكِ، لأنَّ الشَّيطانَ قائمٌ مَعَهُ لِيُؤْذِيَهُ.
تلكَ عادَةُ الشِّرّيرِ مَعَ المُصَلّي: يُهاجِمُهُ، إن استطاع، في بَيتِ الله.
فلِذا عَلَّمَ رَبُّنا في بَدْءِ تلك الصَّلاة، وأعْطى رُسُلَه أَنْ يَدْعوا: أبانا!
لِتَقولَ: أبانا! أَوَّلَ قِيامِكَ للصَّلاة، فَيَسْمَعَ الشِرِّيرُ الذي يُحارِبُكَ مَنْ أَبوكَ!
ومُذْ يَسْمَعُ أَنَّ لَكَ أَباً في السَّماء، يَضطَرِبُ وتَصْطَكُّ رِجْلاهُ في صِراعِهِ لَكَ،
وأَنتَ أَشْبَهُ بِطِفْلٍ ضَعيفٍ لَهُ أَبٌ جَبَّار، إذا حُمِلَ على الصِّراع، دَعَا أباهُ إلى المَعْرَكَة!
وإذ يَسْمَعُهُ العَدُوُّ يَدْعو أَباهُ، يَتْرُكُ ويَهرُب، لأنَّهُ أَضعَفُ مِنَ الجَبَّار.
كذلِكَ أنتَ أُمِرْتَ بأَن تَدْعُوَ: أَبانا! لِيَهْرُبَ الشِرِّيرُ فَورَ سَمَاعِهِ مَنْ أَبوك!
(نشيد الأبانا)