يوحنا الجاجي
من بطاركة القرن الخامس عشر
البطريرك يوحنا الجاجي
جاء في المقالة السمعانية أن هذا البطريرك صار انتخابه في سنة 1404 وهو الثاني من جاج. خدم الكرسي البطريكي الى سنة 1445. وكان مقيماً في ميفوق يوم وردت عليه، سنة 1438، دعوة البابا أوجين الرابع لحضور المجمع الفلورنسي، فأرسل فراجوان، رئيس رهبان مار فرنسيس في بيروت، ليعرب للحبر الأعظم عن استعداده لقبول كل ما يحدده المجمع من عقائد وما يسنه من قوانين ويكرر طلب منحه براءة التثبيت.
في 12 شباط سنة 1439 عرضت في المجمع مكاتيب البطريرك يوحنا وامة الموارنة في لبنان والقدس وقبرص . وفي 10 حزيران من السنة نفسها تقرر تثبيت البطريرك وايلاؤه كل الانعامات التي تمتع بها سلفاؤه. وأرسل اليه البابا مع الباليوم رسالةً ابان له فيها كل ما بذله من جهود حتى توصل الى اقناع ملك الروم وبطريرك القسطنطينية بالرجوع الى حضن الكنيسة وازالة شقاق مضى عليه 450 سنة، حتى شاهد العالم أساقفة الشرق والغرب على أتم وفاق في ما يتعلق بالقضايا المختلف عليها سابقاً، أخصها قضية رئاسة البابا ومسألة انبثاق الروح القدس من الآب والابن وعدم انفصام عقد الزواج الخ... فتهلل العالم أجمع وفرحت السماء بهذا اليوم الذي صنعه الرب.
وفي شهر تشرين الأول من سنة 1439 عاد فراجوان الى طرابلس، حاملاً درع كمال الرئاسة المنتظر منذ سنين عديدة. فشمل الفرح المدينة وضواحيها ولكن حكومة المماليك استاءَت من المظاهرات وقبض نائب المدينة على فراجوان بحجة أن ملك الروم لم يدخل بلاد الفرنج ولم يحضر المجمع الفلورنسي الا لكي يتعاون معهم على استرجاع الأراضي المقدّسة من يد حاكم مصر، وان فراجوان الحامل درع الرئاسة الى البطريرك الماروني هو في الحقيقة أحد عملاء الدعاية للسياسة الغربية.
وما ان درى السيد البطريرك بالأمر حتى دعا بعض الأعيان وكلفهم السعي لاخلاء سبيل القاصد الرسولي، فشخصوا الى المدينة وخاطبوا الحاكم في قضية الافراج عن الموفد البابوي فصرح لهم بأنه لا يطلق سراحه الا لقاء كفالةٍ شخصية يتعهد بالقيام بها كلّ أعضاء الوفد الحاضرين، فقالوا نحن كلنا كفلاء. عندئذٍ صدر الأمر باخلاء سبيل القاصد فشخص حالاً الى ميفوق وسلّم البطريرك درع الرئاسة ثم توارى.
وما عرف النائب بذلك حتى أمر باحضار الكفلاء وفرض عليهم غرامة مالية باهظة فمن تمكن من الدفع فاز بالنجاة ومن عجز كان نصيبه الشنق. ثم أمر هذا الحاكم بمداهمة دير ميفوق والقبض على الرهبان فأخذهم الجند الى طرابلس بعد أن قتلوا بعضهم وأحرقوا البيوت والأرزاق.
أما البطريرك فلجأ الى وادي قديشا وسكن دير قنوبين. وفي شهر آب من سنة 1440 أوفد البطريرك الراهب بطرس دي فرارا، من الاخوة الصغار، الى رومية بعريضة تتضمن الشكر للحبر الأعظم على ما أولاه من نعم. فأجاب البابا أوجين الرابع بكتاب مؤرخ في 2ك1 سنة 1441 مفاده أنّه واثق بشدة تعلق الأمة المارونية منذ نشأتها بالكرسي الرسولي. وكانت وفاة هذا البطريرك في سنة 1445 ولم تصله درع كمال الرئاسة الا قبل موته بخمس سنوات مع أنّه استمر في كرسي البطريركية احدى وأربعين سنة.
عن كتاب "بطاركة الموارنة".