"وأيضأ يأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات" - حزيران 2013 مع ريمون ناضر
نتابع موضوعنا لسنة الايمان مع قانون الايمان ونصل الى الدينونة.
عندما نقول دينونة نخاف. نخاف من الوقوف امام الله، نفكر بالسماء، بجهنم بالمطهر... في رأسنا افكار كثيرة وتساؤلات لا نفهمها.
ليدين الأحياء والأموات: من هم الأحياء ومن هم الاموات. ننطلق من الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة.
قانون الايمان يتكلم عن الدينونة العامة التي تأتي مع مجيء يسوع الثاني اي نهاية العالم. تجتمع كل الامم امامه ويدين كل واحد بحسب اعماله. ونحن نفكر بالدينونة الفردية وكيف سيحاسبنا الله كل واحد بمفرده.في افكارنا امور خاطئة عن الله، كيف أخاف من الله هذا الحب اللامحدود، هذا الحنان كله، هل انظر اليه كإله قاس، ينتظرني ليحاسبني. كيف أخاف هذا الاله الذي أرسل ابنه ليموت عني؟
مار بولس يقول: حياتي هي المسيح والموت ربح لي. لماذا لم يخف من الموت؟
تريزيا الكبيرة كانت كلما دقت ساعة تقول "قربت اكثر من الله..."المسيحيين الحقيقيين كانوا يتشوقون للقاء مع الله لقاء مع الحب المطلق. إذا نحن لماذا نخاف؟ واحد من إثنين: او أنّنيلا أعرف الله او أنّني غاطسُ بالخطيئة.
لم تكن الكنيسة تعتبر الدينونة الفرديّة فقط كمقياس، لأن العلاقة مع الله ليست فقط شخصيّة. أنا أدان لعلاقاتي مع الآخرين. إذاً علاقة مع الله ينتج عنها علاقة مع إخوتي البشر.
عندما اترك هذا العالم مفاعيل حياتي لا تنتهي، يقول في رؤيا يوحنا "نذهب الى السماء وتتبعنا أعمالنا". ما نزرع هنا يبقى صداه لأجيال وأجيال. اعمالي إذا لها ارتدادات.
كانوا في القرون الاولى يعتقدون أن الجميع يذهبون بعد الموت الى مكان اسمه "ينبس" وهناك ينتظرون.
ومع الوقت وصلنا تعليم كثير من الآباء والباباوات ان الإنسان الذي يعيش بطهارة في هذا العالم يعيش للابدية.
وما هو المطهر؟ في رأسنا أفكار مختلفة عن المطهر. الكنيسة الاولي كانت تسمّيه العذابات المطهرة. القديس اغوسطينوس يعبّر عن هذا الموضوع بعدما اكتشف الحب الالهي. نحن نفهم على ضوء الحب الالهي النقص الذي كنا فيه، الناجم عن عدم معرفتنا له. عندما نعاين هذا الحب الكبير، عندما نلتقي وجهًا لوجه مع النور، نشعر بالنقص الذي كنّا فيه، يكبر فينا الشوق للقاء الحبيب، للاتحاد بالربّ، نعرف الحبّ الحقيقي وبالتالي نتشوّق إليه. هذا مطهرنا.
وهذا ما يحصللنا بالدينونة. أكتشف انانيني وكبريائي اللذان يشداني للوراء وكانا سبب منعي من الاتحاد بالله، هذا ما يسبب الآلا م المطهرية. هذا الشعور هو مطهري.
عندما اتعرف الى الحب الإلهي أعيش توبة كبيرة، والله يريدني محرّراً طاهراً، فمسيرة توبتي للحريّة النهائية هي مطهري. الأنفس المطهرية التي عاينت الله اكتشفت الحب الإلهي وهي تنتظر بآلام الحبّ للاتحاد بالله.
اذا الدينونة ليست محاكمة. هي لقاء مع الله الذي كان من المفروض ان يكون لقاء العيد لقاء الفرح.
الرسل اوضحوا انه ليس عندنا اموات بل هناك احياء قبل الموت واحياء بعد الموت. الذين انفصلوا عنهم هم احياء. اللقاء مع الرب لا يستَثنى منه احد، يطال كل الناس. الاحياء والذين انفصلوا.
التلاميذ في الأناجيل يسألون يسوع: مَن يَخلُص ومن يدخل الملكوت، ومتى؟. ونحن اليوم نسأل مثلهم، والجواب واحد: "إسهروا وصلّوا لأنكّم لا تعلمون اليوم ولا الساعة". لا غير. هذا ما يقوله لنا يسوع.
هو يريدنا ان نصير في حالة الحب الالهي في الجهوزية، وفي كل وقت.
وفي إنجيل متّى، يسألون الربّ، متى اطعمناك ومتى كسيناك... يقول لهم كلّ ما عملتم لإخوتي لي عملتموه. هذه هي الدنيونة، كم انت أحببت وترجمت محبتك. الموضوع ليس عواطف وأفكار، لكن اعمال. العواطف لا توفي حاجة.
خدمة المحبّة: هذا ما نُدان عليه. وبالتالي مَن يديننا هو الأخ، كل اخ يديننا. يسوع هو الأخ هو المتجسد في كل اخ واخت، هو يدينني، روح الله القدوس فيَّ يبكّتني على الخطيئة ويرشدني الى البرّ. وأنا إنسان مسؤول عن قبول الخلاص الذي اعطاني إياه الربّ بموته وقيامته، مسؤول أن اؤمن ان يسوع أخذ صورة انسان، ويريدني ان آخذ صورته، مسؤول ان آخذ حياتي كلها باتجاهه.
على هذا اقيس دينونتي كل يوم. عندما اعيش كل يوم في الحب المسيحي لا يعود عندي مشكلة مع الموت، بالحب المسيحي يصير اللقاء مع الرب فرح.
لكن اليوم كما يعيش عالمنا من الطبيعي ان نعيش بالخوف من اللقاء مع الله فلقد صرنا نخاف الجلوس مع ذاتنا.
ويسوع يتوجه في الانجيل أيضاً الى مدن. يدعوها الى التوبة لماذا؟ هو يتوجه لحالة تعيشها البشرية مع بعضها. لاننا جماعة، عالم، مجتمع يحصد ما زُرِعَ قبلهُ ويزرع للذين يحصدون بعده. مفاعيل حياتي احاسب عليها. ما زرعت بوطني بمجتمعي؟ كل هذا يتلخص بكم اعيش عمق حقيقة ايماني بيسوع.
الموت إذاً كانوا يسمونه يوم الربّ. وليأتي يوم الربّ علي ان اعيش مع الرب. نحن في عيلة مار شربل نتتلمذ، نتعلم، نؤمن، نصلي، نلتقي، وكل منا يحاول ان يصير على مثال يسوع. إن كنا هكذا،فعبورنا من هذا العالم يجب أن يكون عبور فرح للقاء الرب. ولا مشكلة مع الموت.
البابا فرنسسيس تكلم عن مسيحيي الصالونات. الذين يتكلمون كلام حلو، نظريات مسيحيّة رائعة، ولكن لا ترجمة لها خارجأ بين الناس. ونحن مثلهم اذا كان ما نتعلّمه لا نعيشه نصير مسيحيين منظر لا ننفع لشيء. انا كمسيحي مطلوب مني كثيراً لا يمكن ان اعيش لا مبالاة لمشاكل الناس. عندما اعمل خيراً وبامكاني أن اعمل افضل، عملي يكون سيء. اليوم يجب ان اعمل افضل ما عندي لخدمة المحبة. هذه هي الدينونة.
يسوع يسألنا اليوم ماذا عملتم بمسيحيتكم؟ اين رسالتنا المسيحية هل نحن بزمن رفاهية ام زمن شهادة؟ العالم فيه ظلم، معاناة، ألم، إضطهاد. هل اقف واتفرّج.
إذا في الدينونة، لا أخاف من الله المحبّة المطلقة، بل أعشق لحظة اللقاء به وأتحضر جيداً لهذا اللقاء بالمحبة والعمل. هذا يوم فرح وهذه حقيقة. آخر كلمة برؤيا يوحنا. تعال يا ربّ. نحن بانتظارك.
السؤال: ماذا عملتُ بمسيحيتي؟
مراجع للتأمل: متى 7 / 21 ، 11 / 20 ، 16 / 27 ، 20 / 13 ، 25 / 13 ، 25 / 31 – 34 ،
لوقا 13 / 25 ، 16 / 22 ، يوحنا 3 / 31 ، 5 / 20 – 24 ، 6 / 26 – 29 ، 9 / 4 ، 12 / 46 – 48 ،
رسل 10 / 39 ، روما 2 / 6 ، أفسس 3 / 18 ، فيليبي 1 / 21 – 23 ، 1تسالونيكي 4 / 13 ،
1بطرس 4 / 5 ، 1يوحنا 3 / 23 ، رؤيا 1 / 17 – 18 ، 14 / 12 ، مزمور 61 / 11 – 13 ،
إرميا 17 / 10 ، 2مكابيين 12 / 43 – 45 ، أيوب 34 / 11 ، أمثال 11 / 23 ، سيراخ 16 / 12 .
من الإختبارات:"وحدها المحبّة بتنتقل معكم للعالم الآخر، ويللي بيوصل قدّام الربّ خالي من المحبّة بيموت خجل، وساعتها بتكون لحظة موتو الحقيقي مش الساعة اللي ترك فيها هالعالم."
صلاة: يا أيها الحب الحقيقي تعال انغرس في نفسي، انطبع في قلبي وكلّي، تغلغل في افكاري، اطرد كبريائي، نقّي زغلي، نعمة التوبة الحقيقية هبني، نعمة التحوّل من ضعفي الى قوتك أنعِم علي، هبني نعمة السهر والصلاة، قونّي على ذاتي انزعني من نفسي واطلقني لإخوتي، بكتني وارشدني بروحك فأراك في أخي، طهرني ونقني فأفرح في يوم الفرح يومك ويومي. يوم أقف بك وجهاً لوجه.