"الصلاة" مع ريمون ناضر – شباط 2014
الصلاة الحقيقيّة هي تكريس وقت للقاء الله والجلوس معه، لكن لا توقف صلاتك الشفهيّة في كل وقت.
الصلاة ماويّة حياة تجدّدك تبقيك حيّاً وشابًا، الصلاة تنفخ فيك الروح.
الصلاة ليست ترداد كلمات للطلب، هي ليست عملاً سحريّاً.
نحن جبلة تراب، لكنّنا مدعوين للتحول الى ما هو فائق الطبيعة، وهذا يصير بقوة الله.
الإنسان متكبر، يظن أنّه محور الكون، صاحب طبيعة خاطئة، غاضبة، والله يدعونا لطبيعة فائقة الطبيعة.
نتيجة صلاتي: أن أتحوّل. لا أبقى كما أنا. كلّ مَن يصلّي تستَجاب صلاته، إن كان حقيقةً يصليّ.
أصلّي لأحصل على النعمة من يسوع. لأحصل على الطاقة والقدرة من يسوع. وتكفينا نعمة يسوع.
الدعوة العامة لكلّ الناس هي القداسة. وأنا أصلّي لأكتشف ذاتي وأتعرّف على الله. أكتشف دعوتي الخاصّة، ومشروع الله الفريد عليّ. أصلي لأحقق هذا المشروع.
عندما أصلّي، أتحوّل إلى بركة. الصلاة الحقيقيّة تحوّل المصلّي إلى بركة بين إخوته البشر، واستجابة لصلاة الآخرين. فيصير المصلّي بلسماً وعزاءً وانعكاساً لحبّ الله بين البشر. إذاً بركة.
كلّ مجبول بالصلاة يصير بركة يعمل عمل الله، بهِ تُستجاب دعوات الآخرين. إن لمْ تحوّلني صلاتي لبركة بين الناس فهي ناقصة وغير حقيقيّة وبدون نفع. بالمحادثة بيني وبين الله آخذ النعمة لأتحوّل لبركة.
الصلاة توحّدني مع ذاتي، جسدي وفكري وروحي. أروّس باتجاه الله.
اذا انجبلت بالصلاة أرى وأفهم أن الكون يدور حول المصلوب على الصليب.
في القداس. ما الذي أوصَلَ يسوع للصليب؟ الطاعة للآب والمحبة للبشر.
وأنا عندما أبلُغ قمّة صلاتي، أعمل نفس المسار. أنتقل من محور الكون الموجود فيّ إلى المحور الحقيقي مع يسوع أكون بطاعة للآب (لمشروعه) وبالمحبة للبشر إخوتي.
نحن لا نسمع القداس، بل نشارك ونعيش القداس، هو فعل حياة.
قدّاس يسوع يصير قدّاسي، لمّا كَسَرَ الخبز وقَدّم الخمر نحن كنّا في فكره، ذهب طوعًا إلى الصليب محبةً فينا نحن البشر، وطاعة للآب. أنا أُوَلِّد بداخلي القداس الأوّل، أقبل بالتضحية الطوعية.
ومتى قبلتْ، أفكّك ما يكبّلني. هنا تبدأ التضحية، أقبل بالتخلي عن كلّ ما يبعدني عن الله وإخوتي البشر. أعي طاعتي ليسوع، أقبل بالتضحية الطوعية للبشر.
أضحّي بوقت، بمال، بكسل، بمقتنيات... كلّ هذه التضحيات تسبّب لي آلاماً وهي آلام خلاصية. أصير مع المصلوب على الصليب.
إذاً الصلاة محادثة بين الانسان والله، ونحن بحالتنا الطبيبعية بمحادثة دائمة مع الذات كلّ الوقت. وعندما أحادث الآخرين أحيانًا كثيرة لا أسمع. لهذا يجب أن أطلَع من ذاتي وأدخل بمحادثة مع الله.
على الصليب يسوع دخل بمحادثة مع الآب. ليس بالكلمات. فالكلمات ضعيفة. محادثة الكلمات هي أدنى مستوى للمحادثة. قمّة المحادثة هي سكب الذات في الآخر. كما فعل يسوع عندما أعطى ذاته, سكب ذاته كليّاً في الآب على الصليب. حوّل المحادثة لفعل حقيقيّ. والنتيجة الحتميّة للصلاة الحقيقيّة هي أن تسكب ذاتك للبشر. مع المصلوب على الصليب.
في القداس تحدث محادثة كونية، نُصلّي مع كل مَن يصلّون على المذابح، نتّحد مع كلّ البشر أينما كانوا في كلّ العالم مع يسوع. وهناك أحاول أن أفهم ماذا يحدث، أفهم ما أقرأ ولا أردّد كلاماً لا أفهمه، أعيش القداس، أُوَلِّع الحياة الجديدة فيَّ بيسوع، نعيش معه نرافقه من العليّة إلى الجلجلة إلى الصليب. كل قداس هوَ هذا. لهذا مفاعيل القداس في حياتي تخلق فيّ رجاءً جديدًا وتظهر بالتحوّل إلى بركة.
هذا ما عمله مار شربل في عنايا وفي المحبسة 23 سنة، انجبل بالله.
عندما ننجبل بالله تصير كلّ أفكاره فينا، تصير أفكارنا مدوزنة على أفكار الله، يصير همّنا همّ الله، أي همّ الناس ووجعنا وجع الناس.
إنّ حالة صلاة هي حالة حبّ دائمة، أتحوّل لأعيش وأحقّق هذه الحالة. أصلّي لأعيش فكر الله على الأرض.
كلّ قدّاس خطوة للأمام، في كلّ قدّاس أتذوّق طعم المجد السماوي الذي ينتظرني، لهذا أخرج من القدّاس ممتلئاً سلامًا ورجاءً وقوّةً، سلام الفكر وسلام القلب.
والسلام معكم، فلنذهب بسلام الربّ ونصلّي كي نتحوّل كلّنا إلى ما يرضي الله.
السؤال: كيف سأصلّي بعد أن تعرّفت أكثر على الصلاة؟ كيف سأعيش قداسي بعد اليوم؟