المرأة النازفة - الأب (المرحوم) داود كوكباني
عظة الأب داود كوكباني
إنجيل شفاء المرأة النازفة
السبت 15 آذار 2003 - رياضة روحية - عيلة مار شربل
(ملاحظة: هذا الموضوع منقول عن التسجيل الصوتي لهذا هو اقرب الى اللغة العامية.).
مَن يستطيع أن يُطيق هذا الكلام... قال أحدكم في أحدى الحلقات التي كنتُ فيها مسؤولاً، بما معناه: إن كان الصوم يضعني تجاه كلمة الله، فهو يسمح بأن أرى، عندما أنظر بذاتي وأقول بإعاقتي؛ كلمة الربّ لا تطاق. ولكن ما يعزّيني أن الربّ صاحب الكلمة التي لا تُطاق، هوَ "طايقني".
صحيح أنّ كلمة الربّ لا تُطاق. لماذا؟ لأنّها تفوق طاقتي. أمرٌ يُطاق أي على قدر قوّتي وطاقتي. ولا تُطاق أي الطاقة التي أملكها ليست على قدرها. فالصوم إذاً هوَ افضل طريقة ليصبح عندكَ طاقة إلهيّة، وبالتالي تصبح بالنسبة إليك كلمة الله لا تُطاق. من هنا يمكنكَ أن تقول للربّ: بما أنّني كنتُ أؤمن كثيراً بطاقاتي البشريّة، هاءنذا اليوم عندك لأقول لكَ انا أؤمن بطاقة حبّكَ. هذا هوَ معنى الصوم.
والمرأة المنزوفة استنفذت كلّ الطاقات البشريّة: طاقات الأطبّاء وطاقاتها الماليّة. استنفذت حكمة البشر وعلمه ولم تحصل على شيء. الحياة تُهدَر أثني عشر سنة والحياة تذهب هدراً. وكأنّ اثني عشر سبط إسرائيل الذين أتّكلوا على قوّتهم وعلى محافظتهم على الشريعة ينتهون ويذهبون هدراً. يا ليتهم، أقتربوا من المسيح على مثال المنزوفة ولمسوا رداء يسوع، مع أنهّم أقتسموا ثيابه...
هذه المنزوفة تمثّل كلّ العهد القديم المضطرب الذي يلاحظ أن كلّ طاقاته، إذا لم تلمس المسيح سوف تكون طاقات موت.
أتت المرأة في الخفاء ولمست الرداء، ويسوع لم يقبل أن يبقى هذا السرّ سرّاً.
إذا أردنا أن نتكلّم بمنطق اليوم، نرى أن يسوع لم يحترم حياة المرأة الحميميّة، فهذه المرأة تخجل من عارها، لماذ يسوع أراد إعلان أمر الشفاء؟ سنرى.
أولاً: إنطلاقاً من هذا الحدث، تعالوا نفحص ضميرنا:
هل نحن نزاحم يسوع أو نسعى لِلَمس يسوع؟
هل نضايقه بصحبتنا أو نأخذ منه القوّة بإيماننا الصامت على مثال المنزوفة؟
هل فرحنا بتجمّعنا هوَ بسيكولوجي؟
بهذا الكلام، أدعو إلى فحص ضمير.
على جبل التجلّي بطرس ويعقوب ويوحنّا فرحوا كثيراً وقالوا ليسوع: حسنٌ لنا يا ربّ أن نصنع ثلاث مظال واحدة لك، واحدة لإليا وواحدة لموسى ونبقى هنا نتمتّع. يا ترى أنتم هنا للتمتّع؟
لا ننسى أن النزف موجود حتى عندنا.
المنزوفة لمست رداء يسوع ووقف نزف دمها.
هذا الإنسان الإله ذاته، سوف تلمسه الإنسانيّة بيديه ورجليه وبجنبه وتجعله ينزف كلّ دمه. يا الله ما هذا الفرق بين لمسة رداء يسوع وبين لمستنا لجسد يسوع؟!!
سرقت القوّة ونحن حاولنا أن نسرق حياته بالقوّة.
ولكن مَن نحنُ أمام الذي قال: حياتي لا أحد يأخذها منّي. أنا أعطيها وأنا استردّها. الذي قتلناه، قتلناه... ولكن الذي قتلناه مات لأنّه أراد. إعتقدنا أنّنا سرقنا دمه مثل النازفة التي اعتقدت أنّها سرقت منه الحياة. وكأن يسوع يقول لها في هذا النص: أنا الذي أعطيتكِ الحياة، كشفتُ سرّكِ أمام الناس حتى لا تظنّي بأنّكِ أخذتِ الحياة غصباً عنّي. وإذ توجّه يسوع بكلامه إلى مَن صلبَهُ يقول: صلبتموني وتركتم الأرض تشرب دمي. ولكن لا تنسوا أنّني قبل الصلب بليلة، قلتُ وبكل جدّيّة: "خذوا اشربوا هذا هوَ دمي".
أنتم مساكين أيها البشر. اعتقدتم أنّكم حققتُم النصر وسكرتُم بخمرته، بل كان يجب عليكم أن تسكروا بخمرة النصر الذي تحقّق فيَّ. إسكروا بدمي. نعم لقد انتصرتم ولكن ليس بقتلي بل بحبّي لكم.
وكم هناك من الشبه بين التي أتت تسرق الحياة من يسوع المسيح وبين يسوع المسيح الذي تركنا نسرق حياته. وكم هناك من البعد بين التي سرقت الحياة من يسوع وبيننا نحن الذين فكّرنا أن نسرق من يسوع المسيح حياته.
يا ليتَ كل اللصوص تكون مثل المنزوفة. وليس مثل البشريّة التي صلبت يسوع، ظنّت أنّها غلبت يسوع بالموت، فإذا بموته غلبها بالحياة.
آمين.