"عش في تناغم" مع الخوري شوقي كرم - أيلول 2014
موضوع مهمّ نظرًا لأهمية عيش السلام والفرح الحقيقييّن، والنموّ المتكامل للشخصيّة. إن كان على الصعيد الشخصي أو الزوجي أو العائلي أو الجماعة والمجتمع والوطن.
التناغم حاجة ملحّة عذبة وجميلة، خاصة في قلب هذا العالم الذي يعرض إغواءات تهدّد بشكل عنيف التناغم المنشود.
عش: دعوة للحياة والفرح. نسمع شبيبتنا "بدّي عيش"... الحياة هي مسيرة نموّ وتطوّر لا تتوقّف في الزمن حتى يعانق الإنسان الأبديّة. فإنّ الذي لا يسعى ليعيش وبطريقة أفضل يموت وهو حيّ.
تناغم: هو إنسجام وتوافق ونقيض التضارب والتناقض... والتناغم المنشود هنا هو إنسجام مع جوهر الانسان في كيانه ودعوته للحبّ والسعادة الأبدية. بِدءًا من هذه الأرض وصولاً إلى الملء في الحياة الأبدية. مَن يعيش في تناغم يَعيش فرح وسلام داخليّين لا يستطيع أن ينزعهما منه أحد.
هي دعوة إنجيلية: الله أرسل ابنه يسوع ليرمّم صورته في الإنسان التي شوّهتها الخطيئة التي أظلمت بصيرته وصار صعب عليه أن يُدرك هويته ودعوته. المسيح حقّق هذا الترميم، وكلّ من يَقبل بُشرى إنجيله، يَقبل بُشرى العودة إلى هذا التناغم، بُشرى التطويبات والسلام، بُشرى الحق والحبّ. لذلك "عش في تناغم" هي دعوة إنجيلية بحقّ.
نتأمل في مثل الوزنات: متى 25 / 14 - 30
لا يوجد إنسان بلا وزنة. لا أحد يأتي إلى هذا العالم دون إرادة الله. فخارج الله لا حياة، فيه وحده نَجِد معنى وغاية هذه الحياة. كلّ واحد يُعطى بحسب طاقته. لا أحد ينطلق في هذه الحياة فقيرًا. لا يوجد أحد دون عدالة إلهيّة. أنا مدعو لأحيا متاجرًا ومستثمرًا ما لديّ في خدمة خلاصي وخلاص الآخرين.
هل أنا اليوم مؤمن بأني مدعو لأحيا بتناغم مع دعوة الرّب لي لإستثمار وزناتي لأجل ملكوت الله، ولأحقق هذا التناغم مع هويتي ودعوتي وأدخل هذا الملكوت؟
ما نحتاجه للعيش في تناغم نملكه. العبد الأمين لا ينظر إلى وزنات الآخرين بل يُبادر بحُريّة ومسؤولية إلى إستثمار وزناته. أتقول الجبلة لجابلها لماذا جبلتني هكذا؟ الذي لا يعمل يبقى عبدًا بطّالاً يقتل الوقت المُعطى له. البطالة قمّة الرذائل. العبد الذي خاف وطمرَ الوزنة، يعاني نقص في المحبّة ونقص في الحريّة التي تأتي من المحبّة.
أول خطوة في مسيرة التناغم هي أن أعترف بأنّي مخلوق ولست خالق. وأن الحريّة الحقّة هي في أن أعرف الخير وأحبّه وأختاره.
الربّ السيد لا يبخل بعطاياه على أحد، لكنه يوزّع لكل واحد على قدر طاقته. وأن الوزنة الواحدة هي حياة. وكلّ وزنة هي حياة. التناغم هوَ أن نكتشف ما لدينا وبالجهد نعمل لنحسن إستثماره بالمحبة والحق.
فنكتشف عظمة ما عندنا ولا نتكبّر على أصحاب المواهب الأقل، ولا نحسد أصحاب المواهب الأكثر، إنّما نشكر واهب المواهب. يكفي أنّها من يديه.
كن أمينًا وأحسِن إستثمار وزنتك، أمانتك من أمانة الله الخالق والمخلّص. فالعبد ليس أفضل من سيّده. ألَم يعش الربّ نفسه كخادم بيننا. حياتنا مسيرة تحقيق التناغم بالأمانة بالمتاجرة في وزناتي في الخدمة بحسب روح الله لا روح العالم.
خلقنا الله على صورته كائنات منتصبة، معلّقين بين الأرض والسماء. أرجلنا على الأرض والرأس مرفوع متّجه نحو السماء.
وأعطانا وقت، لنحسن إستثماره لنعيش، كائنات حيّة، بجسد وقلب وعقل وروح، نُعطي كل هذه الأبعاد حقّها لنَصِل إلى التناغم وإلّا وقعنا في الإضطراب والتناقض والإنقسام.
وهناك وزنات كثيرة أوكلها إلينا الربّ غير الوقت، هي ما تركه لنا المسيح: الكلمة، الأسرار، الجماعة... وغيرها...
ولكي يكتشف كل واحد ما عنده، يسأل نفسه: ماذا أحبّ أن أعمل؟ ما هي الأمور التي أشعر بأني قادر على صنعها بطريقة جيّدة؟
ينهي الربّ مَثَل الوزنات ويقول: "كل من له يُعطى ويُزاد، ومن ليس له، فحتى ما له يُنزَعَ منه"...
"عش في تناغم" دعوة صريحة للسهر والجهاد في ما يُعطى لكَ من وقت أن تتاجر بوزناتك في عمل الخير وخدمة الآخر، متّكلاً على نعمة الله. الله أمين يزيدك من نعمه الفائقة فتسير نحو العمق في تحقيق ما أنتَ مدعو إليه: الشركة في فرح سيّدكَ.
فلنترجم عمليّاً في حياتنا هذه الدعوة ب: إعرف نفسك. لكلّ شيء وقته. أعطِ معنى لعملك. إعمل بدون جشع، بثبات، إحصد وازرع، شارك من جنى يديك... أصبو إلى العمق، إعتبر الصداقة هديّة، ثِق بالحب وعِشه بملئه، إقبل التحوّل، إذهب الى عمق رغبتكَ، كُنْ سيّد حياتكَ بدَل أن تكون ضحيّتها.
السؤال: هل نعرف مواهبنا؟ كل واحد يسأل نفسه: ماذا أحبّ أن أعمل؟ ما هي الأمور التي أشعر بأني قادر على صنعها بطريقة جيّدة؟ هل أعيش بتناغم مع نفسي، عائلتي، محيطي؟ ما هي الموانع؟
من الإختبارات: "يللي بدّو يصير خبز وخمر بدّو يحمل الصليب".
صلاة: باركنا يا ربّ بارك عائلاتنا، واغفر لنا كل انغلاق على ذواتنا أو تباطؤ في تأديةِ الخدمة. إغفر لنا كلّ شكّ بعنايتكَ وقدرتكَ. وأعطنا أن نقبل مشيئتكَ علينا، فنحمل بشارتكَ إلى العالم رحمةً ومحبّة. لكَ المجد الى الأبد.