"إتبعني مع مريم"
لقد تخصّصَ موضوع "الإتّباع" بالحياة المكَرّسة الرهبانيّة، إلا أنّه موضوع يمس كلّ الحياة المسيحيّة. إنّنا بصدد التأمل معاً بكل معاني هذا الإتّباع، نحن الذين توقّفنا مطوّلاً عندَ دعوتنا في الحياة المسيحيّة، كرهبنان في قلب العالم. هذا الإتّباع يأخذ أبعادًا غنيّة واسعة، سنتوقّف عندها لنعود إلى مريم فتدلّنا بمثَلِها على الطرق العمليّة للإتّباع.
أ- الإتّباع:
1- إتّباع المسيح هوَ تعبير عن "العودة الدائمة إلى يسوع"، بحيث تأخذ حياة التلميذ طابع الرجوع إلى يسوع في كلّ مسلكه، فيشكّل يسوع المرجعيّة الأولى لحياته.
2- إتّباع المسيح يعني "الإجابة على أمانة الله في يسوع المسيح"، فالربّ أمين صادق، ترجمَ أمانته الصادقة بشخص إبنه يسوع الذي أجاب بشخصِه وتعليمه وعمله على كلّ حاجاتِ الإنسان لخلاصه. يأتي الإتّباع هنا، جوابًا إنسانيّاً على هذه الأمانة الإلهيّة. والجواب هوَ التعاطي مع هذه الأمانة بإيجابيّة وقبولها بتجاوب مع متطلّباتها.
3- إتّباع المسيح يعني "أن نكون مدعوّين إلى متابعة، في وحدة الإيمان والحبّ، العمل الذي حقّقه يسوع والذي يوحيه إلينا بالروح القدس، والذي يحقّقه ويتمّمه في قلبِ شعبه"؛ بمعنى آخر، أن نعمل ما عمله يسوع بهَدي الروح لخلاص البشر.
4- إتّباع المسيح يعني "أن نكون في تواصل واتّحاد معه؛ أي نسير معه وفيه وبواسطته، الطريق الذي مشاه في طاعته للآب". وهذا يدفعنا إلى أن نكون في حالة إصغاء دائم وجهوزيّة دائمة لإرادة الآب حتى نتمّمها في عيشنا. نتبع يسوع يعني أن نكون طائعين للآب.
5- إتّباع المسيح يعني "الإقتداء به"، والإقتداء هو أكثر من اندهاش؛ إنّه عمليّة "سَير على آثارِه، أي على خُطى ذلك الذي يلهِمنا". إنّه عمليّة "الولوج في حياة يسوع ورسالته لنتعرّف إلى ذاك الذي يقودنا نحوَ الآب.
6- إتّباع المسيح يعني "إكتشاف أنّنا تبدّلنا بفعل الحب". عادة عندما نحكي عن الإتّباع نحلّل شروطه وثماره ونهمل مصدره حيث تتدفّق هذه الثمار وتأخذ كلّ حيوِّيَتها. لذلك عندما نتوقّف عند الإتّباع إنطلاقاً من الوعي نفهم معنى الالتزام في السير مع يسوع، أنّه يتطلبّ "معرفة الذات وفهم الذات في علاقتنا مع الربّ". من هنا مَن يتبع يسوع بوعي يكتشف أنّه محبوب من يسوع وهذا الحبّ غيَّرَه، بدّلَه وحوّلهُ، فينساق بكل حريّة إلى "هذا الانجذاب القوي" نحوه؛ وهذا الإنجذاب يعمّق حريّته، يوجّه خياراته، يسنده في تنفيذ أشغاله وتحقيق دعوته، يجعله بعيداً عن الحسابات، يحرّر أمانته وقدرته الخلاّقة، ويؤسّس "النحن" الجماعي في العلاقات ضمن الجماعة. من هنا نفهم قيمة نبع الإتّباع حيث يركن "الحبّ المجدِّد".
7- إتّباع المسيح يعني "الطريق التي يضعنا عليها يسوع" وهي "أن نحبّ حتى النهاية" كما أحبَّ تلاميذه ليلة العشاء الأخير معهم، فهبَّ إلى خدمتهم وإلى تقديم ذاته لأجل حياتهم. إنّه Agapé، التي هي الحبّ الأسمى في تقديم الذات لأجل من نحبّ وفي سبيلهم".
8- إتّباع المسيح ليس أبداً سكوناً ولا تكرارًا، ولا ثباتًا، إنّما هوَ ديناميكيّة وخلاّقاً ووعيًا على المسؤوليّة ونهضَةً لها. عندما نتبع يسوع لا نكون في جمود مَنْ يعيش حالة انخطاف وتفكير جامدة، بل يصبح الإنسان في حالة عمل وحركة ومسؤوليّة في تأدية الأمور الخلاّقة الديناميّة. ينبع الإتّباع من جذور جوهريّة عميقة ليصبّ في مسيرة عيش حيويّة.
9- إتّباع المسيح يعني "حياة نامية، متطوّرة في قلب جماعة يحييها الروح القدس". وهذا ما خبرته الجماعة المسيحيّة الأولى التي يتحدّث عنها كتاب أعمال الرسل والتي يشكلّ المثل الحيّ لكلّ جماعة مسيحيّة اليوم تتوق إلى عيش الإتّباع الصادق ليسوع، فتشهد له وتعمل على متابعة عمله الخلاصي.
10- إتّباع يسوع يعني "أن تتصالح مع الخليقة ومع التاريخ وأن تلتزم في تطوير العدالة في عالمنا." هذا ما يسندنا في تخليّاتنا الأساسيّة الجذريّة والتي بدونها لا يمكننا أن نكبر. هنا يبرز دور خياراتنا الإنسانيّة التي نعمل من خلالها لعالم أكثر إنسانيّة فنغيّر وجهه. عالمنا في صيرورة، يعني في مسيرة خلق متواصلة؛ وخياراتنا المسيحيّة تساعده على اكتمال خلقه؛ إنّنا نعمل في سبيل تأمين عداله وإنسانيّة ونموّ أكبر فنشترك في حصّتنا بتأمين المشروع الكبير الذي يفيد الكلّ.
ب- في "معيّة مريم"
ندخل مع مريم في شهر تكريمها الخاص، حتى نتعلّم منها الإتّباع كعمليّة قرب من يسوع. لقد عاشت مريم الإتّباع في وضعيّة عيشها المخصّص مع يسوع الذي كان محورَ حياتها كلّها. نتعلّم منها الإتّباع.
1- الإيمان مسيرة نمو:
عندما كانت مريم تندهش ممّا قاله لها سمعاه الشيخ في الهيكل (لوقا 2)، وعندما كانت تندهش من جواب يسوع لها وهو في الهيكل بين العلماء، كانت تتأمل بهذه الأمور في قلبها ومحورها "يسوع بالذات" (لوقا 2: 51). كانَ همّها أن تفهم وأن تتقدّم في الإيمان الذي كان موجّهاً نحو يسوع. لقد اقتادت كلمة الله خياراتها كما اقتادت قرارات يوسف الذي قبل أن يذهب باتّجاه غير المتوقّع. إذاً كانت كلمة الله في القلب، دخلت إلى العمق، intériorisé، تأصّلت بأصول مريم، وهي تتأصّل بأصول كلّ منّا. هذا ما أكّدَ عليه سمعان الشيخ عندما قارن ما بين الكلمة والسيف الذي سيجوز في قلب مريم، وهذا ما تحدّد معناه في الرسالة إلى العبرانييّن: "إن كلام الله حيّ ناجع، أمضى من كلّ سيف ذي حدّين، ينفذ إلى ما بين النفس والروح، وما بين الأوصال والمخاخ، وبوسعه أن يحكم على خواطر القلب وأفكاره" (4: 12). وهذا ما أكّد عليه أيضاً يسوع في كلامه حين تحدّث عن التلميذ الصالح الصادق، الذي على مثال مريم، يستحق الطوبى "لأنّه يسمع كلمة الله ويعمل بها". فمريم، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني في دستور نور الأمم عدد 58، "تقوم بجولة إيمانيّة"، أي أنّها تسير متقدّمة في إيمانها حتى تكشف الغنى الذي في قلب الكلمة التي بدورها ترسم لها طريق حياتها.
هنا نرى أنّنا مدعوّون إلى "التعمّق بكلمة الله" أي إلى إدخالها في قعر نفوسنا وفي قلبنا حتى منها نكبر في مسيرة إيماننا فتغذّيه وتصير الكلمة "نور سبيلنا ومصباح خطانا". هذا ما يجعلنا نعود إلى ذاتنا لنسأل إلى أي مدى تتقدّم علاقتنا بيسوع وتتعمّق حياتنا بحضوره في الكلمة التي نُصغي إليها ونضع ذواتنا بتصرّفها. إلى أي مدى تأخذ كملة الله مكانًا في قرارة نفسنا وفي مسلكنا اليوميّ؟.
2- مريم الفقيرة:
إنّها الشاهدة الحيّة للفقر الإنجيلي؛ إنّها فقيرة لأنّها قبلت، وهي أمَة الربّ، أن تدخل في مشروع الربّ وتدخّل هذا المشروع في حياتها. لقد لمست أن العليّ قد صنعَ بها العظائم (لوقا 1: 49). لقد وجدت مريم مفتاح تاريخ حياتها الشخصيّة في "التواضع"، أي الإنقياد بسلام، قبول المكانة الأخير بكل ثقة وبدون سيطرة وتسلّط. وباختصار نفهم أن فقرها هو "فقر لاهوتي أدخلته في قلبها وعمقّته".
تدعونا مريم اليوم "في معيَتها" إلى أن نفهم اتّباعنا ليسوع أنّه هذه العمليّة: "تسليم بسلام وبدون محسوبيّات إلى إرادة الربّ، لأنّنا لسنا سوى ضعفاء، وقياساتنا نقبلها على ما هيَ". تعلّمنا مريم الفقر في "التواضع"، أي المحني الظهر الذي يسلّم أمره للقائم من الموت حتّى يقوّيه ويقيمه معه.
3- مريم المرآة التي تعكس تطلّعاتنا:
نطرح على ذاتنا أسئلة كبرى فنرى في مريم المرآة التي تعكس لنا في شخصها وإيمانها ومسلكها الأجوبة عليها. فعالم اليوم ينظر إلى مريم ليفتّش على معنى تطلّعاته الكبرى ونحن نعيش فيه. بمعيّة مريم نتعلّم:
a. الإنسان مشروع حريّة:
يطرح إنسان اليوم، بقلب عالم يطغى فيه روح التفرّد والعلمنة، معضلة حريّته من باب "الإنسان المسؤول والمستقلّ". فالإنسان هو مشروع لذاته، "وسوفَ يكون ما سيفعل لذاته" (سارتر)؛ لذا أصبح إنسان اليوم ناضجاً، يصنع قراراته وهو حرّ، لا يحتاج إلى أي وصاية. لذلك كل العبارات القديمة التي أصبحت غير عصريّة بالنسبة إليه، مثل "التخلّي والاقتداء والإنتماء والارتباط"، لم يعد لها ترويج في مجتمع اليوم.
تأتي في هذا الجوّ مريم لتكون "أيقونة" توحي لنا جوّاً من "الوحدة والإتّحاد". يقول أمبروسيوس: "نحن نكرّم القدّيسين بتكريم المحبّة والوحدة الأخويّة". إذا نحن نكرّم مريم ليس فقط من خلال عمليّة التشبّه، أي "أن ننقل عنها ما صنعته"، إنّما نتوقّف عند جوهر روحانيتها، أي "التماهي Identification" وهي غير "التشبّة"، إنّها نوع من "اكتساب" "امتصاص"، "استيعاب" لكل "التصرّفات العميقة الداخليّة". فالرّبّ، حسب الإنجيل، تعاطى مع مريم "حرّة"؛ وهي حريّة تتجسّد في الامتثال لطلباته بطريقة مسؤولة وفي النضج والنموّ بالتفكير، بمسلك الإيمان والعطاء. لقد سلكت مريم طريق الإيمان وهي تواجه الصعوبات والعقبات ووصولاً إلى الدرجات الأنضج فيه وهي تعيش مع يسوع تحت هدي الروح القدس. بهذا يقدم لنا الإنجيل مريم "أيقونة" تشدّنا إلى عيش الإيمان في خيار جوهري أساسي والأمانة له بطريقة فعّالة ديناميّة حتى النهاية.
b. العودة إلى التاريخ:
كانت تعتبر الديانة أنها "افيون الشعوب" والهروب من مسؤوليّة الإنسان تجاه العالم؛ وصارت اليوم تجسيد الإيمان في قلب العالم. العودة إلى التاريخ ليست رجعة إلى الماضي لإعادة اكتشاف ذاتنا المسيحيّة ومعطيات الخلاص فيها، بل هي التزام فعلي آني في قلب عالمنا. فالإتّحاد بالله نترجمع في العمل لأجل عالمنا. إنّ مسيحيّتنا هي تحقيق الملكوت في مسارنا اليوميّ بالعمل على العدالة والسلام لحياة إنسانيّة كريمة وشريفة.
تبقى مريم "الإيقونة الحيّة" تنقل لنا وهجَ الحبّ للفقراء في نشيدها، حيث يتردّد صدى صلاتها "أنّ الربّ اختار الفقراء وتبنّى قضيّتهم". إنّه صدى الرجاء بأنّ وجه الأرض سيتجدّد، لأن الوضعاء والفقراء سيرتفعون ويعلون بالعهد الجديد. لذلك كل مؤمن يتأملّ بعمق في "أيقونة مريم الحيّة"، لا يقبل أن يكون ضليعاً في ارتكاب المظالم ضدّ الفقراء والضعفاء، ويتوَقّف فقط عند تكريم مريم، بل إنّه يتحرّك ويبادر ليأخذ على عاتقه نجدة التعساء، فيعمل بحبّ لنهضة حياتهم وحمل همومهم والشغل لتخفيفها. هكذا نفهم جيّداً أن مريم هي "الخليقة الجديدة، صاحبة القلب الجديد" التي تعطي الروح القدس مكانته في حياتها لكي يعمل على خلق عالم جديد يكون ممَهّداً للملكوت. إنّها المرأة التي ترافق الرسل في العليّة حيث حلّ الروح القدس بشبه ألسنة من نار، ترافق الجماعة المسيحيّة الأولى (أعمال 1: 14). فهناك أطلق الروح القدس الحياة في "قلب واحد والصلاة والشركة في الخيور". ونحن على مثال مريم "الأيقونة الحيّة" مدعوّون إلى تجديد "جهوزيّتنا للروح" حتى نعمل بطريقة خلاّقة بهدف إحياء واقع مجتمعنا بالروح المسيحيّ.
c. الطريق نحو النضوج:
كثيراً ما نهتمّ، بنظرة انتروبولوجيّة متطرّفة، أن التكريم المريمي هو "تعلّق طفولي بشخص الأم"، كما يظهره علم النفس، إذ تتكوّن شخصيّة الطفل، وتتأثّر كثيراً بحضور الأم وهيمنتها على تأمين كل متطلّباته الأساسيّة. لذلك غالباً ما تعطي "تعلميات علم النفس" هذه الصورة الطفوليّة Infantilisme، في الروحانيّة التي يتبعها المؤمنون في علاقتهم مع مريم وفي طلب شفاعتها الكثيف؛ وكأنها عودة إلى صورة الأم الأولى التي يفتقدون إلى حمايتها ورعايتها للبقاء تحث ظلّ جناحَيها. كما وأنّ نظرة انتروبولوجيّة ثانية تحدّد "اللاوعي الجماعي" حيث يتأتر الناس جماعيّاً "بالخرافات" و "بالهيكليات الاجتماعيّة"، وهنا تأخذ مريم صورة "المرأة الرأس" Archétype féminin، أي "الأم الكبرى" كما تصوّرها الخرافات القديمة وهي الأم الشاملة التي تحضن الكلّ وتعانقهم."
لكن قراءة واعية للإنجيل نعطينا "أيقونة العذراء الحيّة" الصحيحة؛ إنّها الأم التي تؤمن بالحياة وسرّها، هذه الحياة التي تشكّل "مسيرة نموّ"؛ لذا فهي تقبل أن تسري الحياة بالاتّجاهات الغير متوقّعة؛ لقد تركت ابنها الوحيد ليذهب إلى رسالته، لقد خبرت الانسلاخ عنه على الصليب، وتخلّيه عنها لإخوته بيوحنا الحبيب، وقبلت أن تذهب معهم إلى العليّة وترافقهم. لم تكن تلكَ الأم المتملّكة والمكبِّلة، التي تغار على ابنها فتغلّفه وتخنقه. لقد كانت تلك المرأة التي عملت على إحياء الإيمان بالمسيح في قلب الجماعة الرسوليّة (عرس قانا)؛ ولقد أخذت امومتها أبعادًا شموليّة عند أقدام الصليب على الجلجلة.
نعتنق الحالة الناضجة ونتخطّى الطفوليّة ليس فقط عندما نسلك مسلكاً ناضجاً في التمييز، ولكن أكثر فأكثر عندما نكتشف ونلمس شخص مريم التواصلي، إذ تتّجه في مسلكها وروحها نحو الله ونحو كنيسته.
فمريم لا تسجن النفوس المتعبّدة لها، بل إنّها تطلقها نحو المسيح لتعيش معه وتتواصل معه وتتعاون معه (لوقا 2: 5)، كما وترسلهم نحو منبع دعوتها ورسالتها، "نحو العليّ" الذي اسمه قدّوس (لوقا 1: 49).
ج: خلاصة:
تدعونا مريم "في معيتها للاتّباع"، حتى نعمل ثلاثة أمور:
1- التحرّر من الخطيئة، هو البريئة من كلّ دنس الخطيئة؛ أي تدعونا مريم إلى تخطّي كلّ ما هوَ "أنانية مغلقة"، تلك التي كانت أساس الخطيئة.
2-العمل على تنمية "الصداقة مع الله" وذلك عن طريق اكتساب الفضائل الإنجيلّية كالإصغاء لكلمة الله والتسليم لها؛ وقراءة نبويّة للتاريخ والالتزام العمليّ في سبيل خلاص كلّ إخوتنا البشر.
3- العمل على تعزيز "الصداقة مع الله" من خلال تقدير النعمة التي أفاضها فينا وذلك عن طريق الانفتاح على قوّة الروح القدس الفاعل فينا، حتى نصبح حاضرين وفاعلين في المسيح "الإنسان الجديد" الذي يعمل لأجل بشريّة جديدة.
هكذا تقود مريم مسلكنا نحو النجاح الكلّي في الالتزام التاريخي وفي عهد الحبّ مع الله لنكون "رسالة التفاؤل ورسالة الرجاء لأجل الحياة".
الأربعاء 7 أيار 2008
الأب مارون مبارك (مرسل لبناني ماروني)