وتكونونَ لي شُهودًا

وتكونونَ لي شُهودًا (أع1/  8)

القدّيس أنطونيوس البادوانيّ 

العنصرة تعني "الخمسون" باللغة اليونانيّة. هذا اليوم الخمسون الذي كان يحتفل به الشعب اليهودي كان يبدأ اعتبارًا من يوم ذبح الحمل الفصحي؛ وهذا لأنّ الشريعة أُعطيت على القمّة المشتعلة من جبل سيناء بعد خمسين يومًا على الخروج من مصر. وكذلك في العهد الجديد، حلّ الروح القدس على التلاميذ بشكل ألسنة من نار بعد خمسين يومًا على القيامة. أُعطيت الشريعة على جبل سيناء، والروح القدس على جبل صهيون؛ الشريعة على الجبل والروح في العليّة.

"كان التلاميذ كُلُّهم مُجتَمِعينَ في مَكانٍ واحِد، فانطَلَقَ مِنَ السماءِ بَغتَةً دَوِيٌّ كَريحٍ عاصِفَة (أع2: 1-2)... كما ذكر أحد المزامير: "هُناكَ نَهرٌ فُروعُه تُفرِحُ مَدينةَ الله أَقدَسَ مَساكِنِ العَليّ" (مز46: 5). رافق دويّ كريح عاصف وصول ذاك الذي جاء ليعلّم المؤمنين. لاحظوا كم يتطابق ذلك مع ما نقرأه في سفر الخروج: "وحَدَثَ في اليَومِ الثالِثِ عِندَ الصَّباحِ أنْ كانَت رُعودٌ وبُروقٌ وغَمامٌ كَثيفٌ على الجَبَل وصَوتُ بوقٍ شَديدٌ جدًّا، فارتَعَدَ الشَّعبُ كلُّهُ الذي في المُخَيّم" (خر19: 16). اليوم الأوّل كان تجسّد المسيح؛ اليوم الثاني كان آلامه؛ اليوم الثالث، إنّها مهمّة الروح القدس. جاء هذا اليوم: صوت الرعود، دويّ كريح عاصف؛ بروق... معجزات الرسل؛ غمام كثيف... الندم والتوبة... على الجبل، شعب أورشليم (أع2: 37-38).

"ظَهَرَت لَهم أَلسِنَةٌ كأَنَّها مِن نارٍ". ألسنة كألسنة الحيّة وحوّاء وآدم التي فتحت هذا العالم على الموت... لذا، ظهرالروح القدس بشكل ألسنة، لوضع الألسنة في مواجهة الألسنة، ولشفاء السمّ القاتل بالنار. "وأخذوا يتكلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم". هذه هي علامة الملء؛ المزهريّة الممتلئة التي تفيض؛ لا يمكن للنار أن تتمالك نفسها... هذه اللغات المتنوّعة هي الدروس المختلفة التي تركها لنا المسيح كالتواضح والفقر والصبر والطاعة. نحن نجيد هذه اللغات المتنوّعة حين نعطي القريب نموذجًا عن هذه الفضائل. تكون الكلمة حيّة حين تنطق الأعمال. فلنجعل أعمالنا تنطق!