انطلاق مريم

الطوباويّة ألياصابات الثالوت (1880 - 1906)، راهبة كرمليّة
الرياضة الروحيّة الأولى، اليوم العاشر في حضرة الله

يبدو لي أنّ موقف العذراء في أثناء الأشهر التي مضت بين البشارة والميلاد هو مثال النفوس الباطنيّة، والكائنات التي اختارها الله لكي تعيش "في الداخل"، في قعر الهاوية التي لا قعر لها. في أيّ سلام وفي أيّ خلوة، كانت مريم تنطلق وتتلقىّ جميع الأشياء! كما لو كانت الأشياء الأكثر تفاهة مؤلَّهة من قبلها- لأنّ العذراء، عبر كل شيء، كانت تبقى في عبادة عطيّة الله! لكنّ ذلك لم يكن ليمنعها من بذل جهدها في الخارج، حين كان الأمر يتعلّق بممارسة أعمال المحبّة. ورد في الإنجيل ما يلي: "قامَت مَريمُ فمَضَت مُسرِعَةً إلى الجبَل إلى مَدينةٍ في يَهوذا. ودَخَلَت بَيتَ زَكَرِيّا، فَسَلَّمَت على أليصابات" (لو1: 39). إنّ الرؤية الفائقة الوصف التي كانت تشاهدها في داخلها لم تقلّل من محبّتها الخارجيّة. وقد قال الطوباويّ رويسبروك: "إن كانت المشاهدة تتّجه نحو المديح ونحو أبديّة ربّها، فهي تملك الوحدة ولن تفقدها أبدًا. فإن أتى أمر من السماء، هي تلتفت إلى الناس، وتتعاطف مع جميع حاجاتهم، وتهتمّ بجميع مشاكلهم: عليها أن تبكي وأن تلد. إنّها تضيء كالنار؛ ومثل النار، تحرق وتبلع وتلتهم، رافعةً نحو السماء ما التهمته. وإذا انتهت من عملها في الأسفل، تنهض وتستأنف طريقها نحو الأعالي.