المسامحة الأخوية

, حب, محبة, يدين, يد, Love

قراءةٌ من القديس لاَونَ الكبير (+461) (ص667)

قالَ السَيِّد المَسيح: "لا يَحْتاجُ الأَصِحّاءُ إِلى طَبيبٍ، لَكِنْ ذَوُو الأَسْقَام" (متى 9/13). وَ لا يَجوُز إِذَنْ لأَيِّ مَسيحيٍّ أَنْ يُبْغِضِ إِنْساناً كان، لأَنَّهُ لا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أَنْ يَخْلُصَ إِلاّ بِغُفْرانِ خَطَايَاه...

عَلى شَعْبِ اللهِ أَنْ يَكونَ مُقَدَّساً وَ صَالِحاً: مُقَدَّساً لِيَهْرُبَ مِمّا نُهِيَ عَنْهُ، وَ صالحاً لَيَقومَ بِما أُمِرَ بِهِ. حَسَنٌ أَنْ يَكونَ لَنا إيمانٌ راسِخٌ وَ عقيدةٌ صَحيِحَة، وَ جَيِّدٌ أَنْ نَقْمَعْ الشَراهَة، وَ نُظْهِرَ الطِيبَةَ وَ نَعيِشَ فِي الطَهارَة. مَعَ ذَلِكَ، جَميِعُ هَذِهِ الفَضائِلِ فارِغَةٌ مِنَ المَحَبَّة، وَ لا مَسَاغَ للقَوْلِ في سُلوكٍ إِنَّهُ مُمْتازٌ إِلاَّ إذا وَلَدَهُ الحُبّ...

فَلِيَفْحَصِ المُؤْمِنونَ نُفوسَهُم، وَ لِيُدَقِّقُوا في عَوَاطِفِ قَلْبِهِمْ الخَفِيَّة. فإِذا وَجَدوا في أَعْمَاقِ ضَميِرِهِمْ بَعْضَ ثِمارِ المَحَبَّة، فَلِيَتَأَكَّدوا أَنَّ اللهَ مَعَهُم. وَ لِكَيْ يَسْتَحِقُّوا شَرَفَ اسْتِقْبالِ هَذا الضَيْفِ الكَبير، عَلَيْهِمْ أَنْ يُثَابِرُوا وَ يَنْمُوا في أَعْمَالِ الرَحْمَة. وَ إِذا كان اللهُ مَحَبَّة، فَلا حُدودَ لِلْمَحَبَّة، إِذْ لَيْسَ لِلأُلوهِيَّةِ حَدّ.

وَ لِكَيْ نُتَرْجِمَ المَحَبَّةَ إِلى أَعْمال، أَيُّها الإخْوَة، نَظُنُّ أَنَّ الآَنَ الزَمَنَ مُناسِب، وَ أَنَّ الأَيامَ التي نَعيشُ تَحُثُّّنا على ذَلِكَ بِطَريقةٍ خاصّة. فَعَلى الذيِن يَوَدُّونَ أَنْ يَسْتَقْبِلوا فِصْحَ الرَبِّ بِقَدَاسَةِ الرُوحِ وَ الجَسَدْ، أَنْ يَجْتَهِدوا في اكْتِسابِ هَذِهِ النِعْمَةِ التي تَحْتَوِي جُمْلَةَ الفَضائِلِ "وَ تَسْتُرُ جمّاً مِنَ الخَطايا" (1 بطرس 4/8). وَ بِما أَنَّنا عَلى عَتَبَةِ الإحْتِفال لأَكْبَرِ سِرٍّ عِنْدَنا، سِرٍّ بِهِ مَحا يَسوعُ المَسيحُ آثامِنا بِدَمِهِ، فَلْنُهَيِّئْ، بادِئَ ذي بَدْءٍ، ذَبيحَةَ الرَحْمَة. وَ ما أَعْطاناهُ صَلاحُ الله، لِنَرُدَّهُ نَحْنُ إلى مَنْ يُسِيءُ إِلَيْنا.

عَلَيْنا إِذَنْ أَنْ نُظْهِرَ الحِلْمَ لِلْفُقَراءِ وَ المُتَأَلِّمِين، فَتَكْثُرَ هَكَذا أَفْوَاهُ الشَاكِرِينَ لله، وَ لِتُسْهِم أَصْوَامُنا في راحَةِ الذينَ هُمْ في الضِيق. لَيْسَ أَعْذَبَ على قَلْبِ اللهِ مِنْ تَضْحِيَةٍ يَقومُ بِها المُؤْمِنونَ مُساعَدَةً لِلْفُقَراء، فَحَيْثُ يَجِدُ اللهُ هَمَّ الرَحْمَة، هُناكَ، وَ لا شَكّ، يَجِدُ صُورَةَ صَلاَحِهِ الإِلَهِي.

(العظة 48، 2 – 5))