لقد جعلت هذه الليلة المقدّسة تتألّق بمجد قيامة الربّ
عظة من القرن الخامس منسوبة إلى أوسابيوس الغاليكاني
العظة 12
"افرحي أيّتها السماوات وابتهجي أيّتها الأرض!" (مز96: 11). في هذا اليوم، سطع لنا نورٌ من القبر أكثر إشراقًا من أشعّة الشمس. فليهتف الجحيم لأنّه صار لديه الآن منفذًا، وليفرح لأنّه يوم الزيارة بالنسبة إليه، وليبتهج لأنّه رأى بعد قرون طويلة ضوءًا لم يعرفه في ظلمة ليله العميق، وتنفّس أخيرًا. أيّها النور البهي الذي رأيناه ينبثق في قمّة السماء المستنيرة... لقد ألبست بضيائك المفاجئ أولئك "المقيمين في الظلمة وظلال الموت" (لو1: 79 ). لأنّه بنزول المسيح إلى الجحيم، استنار على الفور ليل الجحيم الأبدي، وتوقّفت صرخات المتألّمين، وانكسرت قيود المحكومين وسقطت؛ واعترى الخوف الأرواح الشريرة، كأنّ الرعد صعقها...
عندما نزل المسيح، انحنى البوّابون المعميّون في صمتهم الأسود من شدّة الخوف، وتهامسوا فيما بينهم: "مَن هو هذا الرهيب والمبهر البياض؟ لم يستقبل جحيمنا إطلاقًا شخصًا مماثلاً ولم يرمِ العالم مثيلاً له في هوّتنا... لو كان مذنبًا، لما كانت لديه هذه الجرأة. ولو كانت جريمة ما قد سوّدَت صفحته، لما كان استطاع أن يبدّد ظلامنا بتألقه. لكن إن كان الربّ، فما الذي يفعله في القبر؟ وإن كان إنسانًا، كيف تجرّأ على ذلك؟ إن كان الربّ، ما الذي جعله يأتي؟ وإن كان إنسانًا، كيف باستطاعته تحرير الأسرى؟... آه من ذاك الصليب الذي يحرمنا من ملذّاتنا ويولد بؤسنا! لقد أغنتنا الخشبة وسوف تهلكنا الخشبة. هذه القوّة العظمى التي يخشاها الناس دائمًا قد زالت!"