وراح يسير معهما

Road-to-emmaus

التأمل: "وَرَاحَ يَسِيرُ مَعَهُمَا."

في نفس اليوم، يوم القيامة، وقد هرعت النسوة بنشر خبر القيامة للتلاميذ، لكنّ الذي لم يختبر لا يصدّق،  سيبقى الخبر عنده خبر. فراح تلميذان يسيران عائدان إلى قرية بعيده. ما زالوا في اليأس والإحباط. ما زالوا في الموت والظلمة، يسيرون، يتحادثون بكلّ ما جرى، لا يفهمون ويتساءلون. في وسط حيرتهما وإحباطهما، يأتي الرب ويسير معهما. عابسين، حزينين يُخبرانه بما جرى، يُخبرانه بالأحداث التي تمت، ويخبرانه عن الخلاص الذي كانوا منه يرجون وعن القيامة التي سمعوا بها. لكنّهم لم يفهموا شيئاً، لم يختبروا، ما زالوا في ضياعهم. والربّ يخضّهم، في قلب يأسهم يدخل، ومن حزنهم واحباطهم ينتشلهم، ويحولّهم. يشرح لهم الكتب، يا عديمي الفهم وقليلي الإيمان يقول لهم. وهم في ذهولهم، بدأت قلوبهم تشتعل، فحضور الربّ يُلهب القلوب، بدأت أذهانهم تتفتح... تمسّكوا به ولم يعرفوه بعد، لكن قلوبهم عرفته، بارك وكسر وناولهم. وغاب عن أنظارهم، لكنّه صار فيهم. عادت لهم الحياة، تمّت فيهم القيامة، وحالاً، عادوا، حملوا فرحاً بدل اليأس، حملوا رجاءً بدل الإحباط، عادوا ليشهدوا فقد صاروا شهودًا للقيامة. قام الله وأقامهم معه. إجتمعوا، آمنوا، وصدّقوا، وفرحوا: الربّ قام، صاروا شهودًا للرجاء والقيامة والفرح الذي لن يقدر بعد اليوم أن ينزعه منهم أحد.

يا ربّ، نحن أيضًا أبناء القيامة، لا تسمح بأن نغرق بعد اليوم في اليأس والإحباط، أنتَ قمتَ لتقيمنا، تعال سرْ معنا في طرقات حياتنا، سرْ معنا عندما نسير وحدنا ننساك ونضيع، سرْ معنا وأرجعنا إلى جماعتنا، إلى كنيستنا، إلى الحياة فنكون حجارة حيّة، تبني وتثمر وتضع الرجاء مكان اليأس في قلب هذا العالم.