مهما يقل لكم فافعلوه
عد ظهور الربّ يسوع العلني في نهر الأردن، بعد أن سُمِعَ صوت الآب يدعونا لنسمع للإبن، كان في قانا عرسُ دُعي إليه يسوع وأمّه وتلاميذه. وفي العرس كانت مريم حاضرة، منتبهة، ساهرة، تراقب سير الأمور واكتمال الفرح. فلاحظت النقص. ومَن يملأ النقص ويردّ الفرح غير الربّ. ولأنها تعرفه، وتعرف أنّه لن يرفض لها طلبًا، أسرعت إليه، وهوَ العريس الحقيقي: "ليس لديهم خمر".
مع أن الربّ قال أن ساعته لم تأتِ بعد، إلاّ أنّ مريم طلبت مِن الخدَم أن يفعلوا ما يأمرهم به. هي واثقة بأن ابنها لن يرفض طلبها، وهيَ ما زالت في كلّ وقت ترى حاجاتنا والنقص في بيوتنا وتحمل فراغات حياتنا إلى يسوع الذي لن يرفض لأمّه طلباً. وبارك الربّ الزواج، وبارك العائلة بحضوره في العرس. فسأل الخدم أن يَملأوا الأجران ماءًا، ورغم أنّهم لم يفهموا أطاعوه. وصارت المياه خمرة لذيذه أدهشت المدعوين وأفرَحت العروسين، واكتمل الفرح في العرس. أمّا يسوع فأدهش تلاميذه الذين رافقوه، فكانت أولى آياته بطلب مِن أمّه، وآمَن بهِ تلاميذه، وانطلقوا معهُ إلى العالم لأعلان الفرح الحقيقي والأزلي في الملكوت.
مريم أمّنا لا تغفلي عنّا، تعالي أسكني بيوتنا راقبي همومنا، إحملي حاجاتنا إلى يسوع، فهوَ لن يرفض طلبك، فأنت الشفيعة الطاهرة الأحبّ إلى قلبه، كَلَّلكِ بالمجد سلطانة على السماء والأرض، تعالي كوني سلطانة حياتنا وسيّدة بيوتنا، ترشدينا إلى يسوع وتُعلمينا أن نسمع كلامه ونَعمل بحسب وصاياه، فيُحوّل عطايانا الصغيرة إلى خمرة فرح وحبّ وحياة.
نشكركَ يا ربّ على مريم، تعالَ بارك عيالنا وبيوتنا وحوِّل نقصنا وجهلنا وكلّ فراغ عندنا إلى فرحٍ من عندكَ فنشكرك ونمجدك ونباركك طوال أيام حياتنا.
جميع حقوق نشر التأملات محفوظة لعيلة مار شربل