قراءة من القديس مكسيموس التوريني
عمادُ الربِّ
يُخبرنا الإنجيل أنَّ الربَّ يسوعَ جاءَ يعتَمِدُ في الأردنّ، وأَنَّهُ أرادَ أنْ يُكَرَّسَ بواسِطة علامات سماويّة ظَهَرَتْ فوقَ النهر. لا أََدْهَشَنا ذلكَ الصنيعُ يقومُ به ربُّ العمادِ ومعلّمه: فقد أرادَ أن يكونَ البادئَ لتتميمِ ما كانَ يأمُرُ بهِ الجميع، ويُعَلِّمَ – باعتبارِهِ أستاذاً – لا بالقولِ بلْ بالفعل، ويُثَبِّتَنا في الإيمان بالمعنى الذي أضفى على تصَرّفه العمادي.
لمْ يكن ضرباً من العبثِ أن يتْبَع هذا العيد عيدَ ميلاد يسوع، وإنَّ بينَ الحدَثينِ فاصلاً زمَنيّاً كبيراً: هناكَ يولَدُ الربُّ مَولِداً بشريّاً، ومَريَمُ أمُّهُ تُدْفِئُه في حضنها. وهُنا يُولَدُ في مدار علامات سماويّة، والله أبوهُ يَلُفُّهُ بصوتِه قائلاً: "هذا هوَ ابني الحبيب الذي به سُرِرت، فلهُ اسمعوا" (متى 3: 17، 17: 5).
فاليوم جاءَ الربُّ يسوعُ يَقبَلُ العماد، فأرادَ أن يغسِلَ جسمَهُ في مياهِ الأردنّ. رُبَّ قائل: لماذا أرادَ القدّوسُ أن يعتَمِد؟ فاسْمَع: لقد اعتَمَدَ المسيح لا ليتقدّس بالمياه، بل ليُقَدّسَ المياهَ ويُنَقّيَ بعَمَلِهِ الشخصيّ الأمواج التي مسّها. فالموضوع أرمى إلى تقديسِ المياه منهُ إلى تقديسِ المسيح. ففورَ اغتِسالِ المُخَلّص، أصبَحَتِ الأمواهُ كلُّها نقيّةً صالحةً لعمادِنا. لقد تَقَدّسَ الينبوعُ لكي تُعطى النعمة للآتين منَ الشعوب. المسيحُ اقبَلَ الأوّلَ على العماد لكي تتبعهُ، لا تتردّد، الشعوب المسيحيّة بأسرِها.
عظة عيد الدنح.